عن
الصور "السيلفي" و"اللايك" و"الشير" والمحتوى الذي
يعتبره البعض "تافهًا" وعدم المشاركة أو الاهتمام بالشأن العام...
من منّا لا يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي؟ طبقًا لإحصائية موقع "Statista" في أبريل 2017، وصل عدد المستخدمين
النشطين على موقع "فايسبوك" إلى 1968 مليون مستخدم – يقترب من 2 مليار،
أو تقريبًا ربع سكان العالم! – وهو رقم مهول، بخلاف شبكات التواصل الأخرى.
·
تحليل جانب من استخدام مواقع/شبكات التواصل الاجتماعي:
ويختلف الاستخدام من دولة إلى أخرى وداخل نفس المجتمع
حسب عدة معايير، منها على سبيل المثال: الثقافة العامة والنظام السياسي/الاقتصادي
والحريات.
ويمكن ملاحظة أنه في الأنظمة الديكتاتورية أو القمعية/البوليسية
والدول الأقل تحضرًا، يتناقص عدد المهتمين بالشأن العام – المشاركين والمتابعين، كنسبة
وتناسب من إجمالي المستخدمين – لأسباب مختلفة منها الانشغال بمحاولة الحصول على حد
أدنى من متطلبات الحياة وبالطبع تخوفًا من الملاحقات الأمنية، أو بسبب انخفاض نسب الوعي
العام/التعليم مع وجود ضبابية في نشر المعلومات أو حجبها بالأساس، حيث أن معظم
المصادر الإعلامية والإخبارية عادةً ما تكون تابعة للنظام الحاكم. وهو ما يؤدي إلى
تكوين فقاعات منعزلة من الاهتمامات (الشخصية – الدينية – الترفيهية – السياسية –
الشأن العام والأعمال التطوعية...) وغيرها من اهتمامات ومجالات (مشاركات أرسلها إلى 10 غيرك ولا تجعلها تتوقف عندك.. وصباح معطر بالورود والكيك والآيس كريم..الخ). . ولكن ما يثير للاهتمام
هنا هو بعض الأبحاث التي رصدت تزايد حالات الأمراض النفسية وتضخم حب الذات، علمًا
بأنه لم تظهر بعد نتائج عملية لدراسة تركز على مصر أو الوطن العربي.
·
النرجسية: بخلاف أهداف التسويق أو الكسب المادي: -
في عام 2014، على موقع "ResearchGate" تم
نشر دراسة في ورقة بحثية شيقة عن تزايد النرجسية وحب الذات من خلال بعض آليات
استخدام مواقع التواصل الاجتماعي " Social Networking Sites (SNS)"،
وتحديدًا تم التركيز على موقعيّ "فايسبوك" و"تويتر"، ويتضح أن
الاستخدام المتزايد بغرض الحصول على دفعات معنوية من الإعجاب والمتابعة، يساهم في
التحول إلى سلوك نرجسي غير مهتم برأي الآخرين، ولكن يهتم فقط بما يقوله صاحبه وبما يعتقد أنه
رأيه الحكيم من خلال الشخصية الافتراضية التي يحب أن يراه المجتمع بها.
وينتشر مفهوم الفردية كما يتضح في هذا الفيديو، يحاول معظم المستخدمين الظهور بالشكل الذي يتمنوا أن
يكونوا عليه، وليس بطبيعتهم الواقعية.
·
تقييم النفس بناءً على الصور الشخصية:
أغلب المستخدمين مهتمين بشكل كبير بصورهم الشخصية واستخدام تطبيقات و"فلاتر"
لتحسين الصور، بل وحذف الصور التي يعتقدون أنها تظهر عيوبهم الجسدية. وفي دراسة نشرتها جامعة "بافلو - University
of Buffalo" عام
2011، أفاد البحث بأن الأشخاص الذين يقدّرون قيمة أنفسهم بناءً على جمال أو تناسق
مظهرهم الخارجي في الصور – النسبة الأكبر منهم نساء – هم الأشخاص الأكثر مشاركةً
للصور الشخصية و"السيلفي"، ويقضون أوقاتًا أكثر في تنظيم صفحاتهم
الشخصية وتعديل صورهم للحصول على أكثر قدر ممكن من الردود الإيجابية والإعجاب
والمتابعين.
·
إدمان مع تأثير مشابه للكوكايين:
في عام 2016، نشر
موقع صحيفة "التليجراف" تقريرًا عن دراسة مفادها أن كثرة استخدام مواقع
التواصل – الدراسة كانت على موقع "فايسبوك" – والتفاعل مع إعجاب ومتابعة
المعارف والغرباء، خاصةً على الصور الشخصية، يعطي تأثيرًا مُصغرًا بالمخ مشابهًا
للكوكايين! ولكن يمكن الإقلاع عن إدمانه بشكل أسهل بالطبع... علمًا بوجود أعراضًا
للانسحاب شبيهةً بأعراض انسحاب المخدرات.
--- الحل قد يكون في الاستخدام الرشيد والابتعاد عن
الفردية:
"Data is a precious thing and will
last longer than the systems themselves."
Tim Berners-Lee,
Inventor of the World Wide Web
في موضوع آخر، يحتاج إلى مقال أو أكثر، سنجد أن الحد من
نشر البيانات والمعلومات الشخصية وحمايتهما، والحفاظ على الخصوصية هو عملية شاقة
وعملة نادرة في زمن التجسس "بالجملة" في ظل وجود أجهزة الاستخبارات
العملاقة بما هو متاح لها من تكنولوجيا.
...إن التكنولوجيا الحديثة والإنترنت هما أهم منجزات
العصر، ولكن لهما مميزات وعيوب ككل الموجودات في الدنيا، وبالطبع يختلف الاستخدام
حسب المجتمعات ولكن الاستخدام الرشيد وتنظيم الوقت مع محاولة المشاركة أحيانًا في
الشأن العام أكثر من الفردية قد يكون هو الشكل الصِحي لمواكبة التطور بدون خسائر نفسية،
وقد لا يكون هنالك ضرر – إذا لم تهتم/ي بحماية خصوصياتك – من مشاركة الصور والذكريات
والأحداث مع دوائر المعرفة مع الطمع في قليلٍ من الثقة بالنفس أو إرضائها بانتظار التفاعل
ونظام المكافأة/الدعم المعنوي، ودفعات السعادة من إفرازات المخ لمادة
"الدوبامين"، ولكن على الأقل فليكن المحتوى هادفًا ولو في قليلٍ من الأوقات...
شير/ريتويت/لايك ;)