الأحد، 25 ديسمبر 2016

شراكة شائكة بين 4 عمالقة لمنع انتشار المحتوى الإرهابي


شراكة شائكة بين 4 عمالقة لمنع انتشار المحتوى الإرهابي



- ‎فيشركات

 التعليقات

شراكة شائكة بين 4 عمالقة لمنع انتشار المحتوى الإرهابي
أعلنت شركات “فيس بوك” و”تويتر” و”يوتيوب” و”مايكروسوفت” في وقت سابق من هذا الشهر عن بيان شراكة لإنشاء قاعدة بيانات مركزية تراقب المحتوى الذي يروج للإرهاب والعنف، بحيث يتم حذف المحتوى الموسوم بالترويج أو الدعوة للعنف أو للإرهاب في مواقع أي شركة منهم في حال مخالفة ذلك المحتوى لشروط الموقع وفقا للبيان.
وتعتمد الشركات الأربعة في مراقبة المحتوى على التكنولوجيا العبقرية التي طورتها مايكروسوفت لكشف محتوى الأطفال الإباحي، وذلك بتسجيل بصمة لأي مادة مصورة على الإنترنت PhotoDNA ثم وسم المواد المصورة ببصمة خاصة بها وباستخدام آلية مطورة لا يمكن الالتفاف حولها بأي طريقة سواءً كانت تعديل حجم أو شكل تلك المواد، وبذلك يمكن تعقب المواد التي تم تسجيل بصمتها على أي موقع وبالاعتماد على قاعدة بيانات المركز الدولي للبحث عن الأطفال المفقودين والمُستغلّين NCNEC، وتحتوي قواعد البيانات على بصمات Hash لتلك المواد المصورة وليس المواد المصورة ذاتها.

من سيقوم بتحديد إذا ما كان المحتوى يروج للعنف أو الإرهاب؟

رغم وعود الاتفاقية بحماية بيانات المستخدمين لكن بالطبع هناك تخوفات مشروعة بخصوص إمكانية استخدام نفس الآليات للمراقبة والتجسس على خصوصيات المستخدمين، وهناك عواقب متوقعة لهذه الاتفاقية وأهمها نقطتين:
-أولًا: أن المحتوى الإباحي للأطفال لا خلاف عليه حيث أنه له تعريف موحد ومباشر لدى كل الجهات، بعكس مصطلح الإرهاب، فما قد تعتبره بعض الدول أو المؤسسات إرهاب، قد تعتبره غيرها مقاومة أو نزاع أو غيرها من مسميات، علاوة على الاستغلال السياسي المستمر لذلك لمصطلح المطاطي، خاصةً بعد أحداث سبتمبر 2011. ناهيك عن إمكانية منع نشر مواد للصحافة أو للبحث في نفس السياق.
ثانياً: لا يوجد أي ضمان لعدم استغلال وكالة الأمن القومي الأمريكية NSA وغيرها من أجهزة أمنية لقاعدة البيانات والتكنولوجيا المذكورة للتجسس على كل المواقع وأي محتوى على الإنترنت ومواقع التواصل.
وبفرض أن قامت الشركات بحماية خصوصية بيانات المستخدمين، فوكالة NSA وجهاز الاتصالات الحكومي البريطاني GCHQ لديهم من الإمكانيات ما يتيح لهم اختراق تلك الحماية وهو ما يضع أي شركة لتكنولوجيا المعلومات في تخوف شديد من أي شراكة محتملة مع الحكومة الأمريكية فيما يعرف بتأثير “سنودن” The Snowden Effect، نسبةً إلى الموظف التقني السابق بوكالة الأمني القومي الأمريكية، “إدوارد سنودن” وتسريباته المشهورة والتي تعتبر أكبر تسريبات في القرن الجديد، والتي أثبتت أن عدداً من الأجهزة الأمنية على رأسها وكالته السابق، تقوم بالتجسس على كل العالم تقريبًا – مواطنين ومسئولين – بتكنولوجيا وآليات خارقة.
تعتبر التكنولوجيا الحديثة سلاح ذو حدين، وفي العديد من الأحيان يكون التطبيق النظري هادف للمثالية ولكن أرض الواقع تختلف كثيرًا، لذلك ينبغي على كل المهتمين والمسئولين النقاش أكثر حول استخدام الآليات الشبيهة لوضع تعريف مباشر لأي مصطلح ووضع الضمانات الكافية لحماية خصوصية بيانات المستخدمين.

الأربعاء، 14 ديسمبر 2016

أحمد فؤاد يكتب: اربح الجائزة خارج الصندوق

من أشهر العبارات التي يتم استخدامها في مختلف المواقف هي جملة “التفكير خارج الصندوق” والتي غالبًا ما تشير إلى الرغبة في الخروج عن إطار التفكير النمطي، لبحث منطق الأمور من زاوية أوسع قد تتيح رؤية معطيات لم تكن بداخل ذلك الصندوق من الأفكار.. بل وقد تتيح رؤية الحقيقة، أن حدود ذلك الصندوق هي الوهم.


وعلى الرغم من استخدام تلك الفكرة أو العبارة بابتذال أحيانًا، إلا أن “القولبة – الوضع في قوالب جاهزة” هي فعلًا سمة العصر الخبيثة التي زادت مع التطور في وسائل التكنولوجيا، فالكبار يريدونك في قالب واضح سهل التصنيف وداخل حزمة واحدة يمكن ترغيبها أو ترهيبها كمجموعة. الكبار من المعلنين وأصحاب المنتجات في كل الأسواق وكبار المسؤولين والسياسيين، كلما كنت داخل إطار ذي سمات واضحة كلما كان أسهل عليهم التعامل معك أو التحكم في رغباتك أو في شخصك وقت الاحتياج.
داخل الصندوق:
فأنت في النهاية مجرد مواطن ومستهلك إذا لم تكن من الطبقة الحاكمة أو طبقة “البيزنس” وبالتالي يجب أن يتم تصنيفك مع أو ضد، ومؤيد أو معارض، وعلماني “في أقوال أخرى لا ديني” أو إسلامي، وعسكر أو إخوان، وعلى نفس الوزن غني أو فقير، تسكن المناطق الشعبية وتضطر للبحث عن السلع الرخيصة رديئة الجودة وألوان من الموسيقى والأفلام الهابطة أم من سكان “الكامبوند” وتهوى الأطعمة الفاخرة المستوردة والموسيقى التي تدعي أنها حديثة أو راقية وغير ذلك من تصنيفات. أما من تقع اختياراتهم في المنتصف أو من لم يتم تصنيفهم في أحد الصناديق بعد، فهم يمثلون مشكلة لأصحاب التصنيفات بسبب أنهم لا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم واختياراتهم.
كاد أن يرسب في الاختبار صاحب تفسير “كوبنهاجن” الشهير في ميكانيكا الكم والحائز على جائزة نوبل، الدنماركي “نيلز بور” عندما حاول التفكير خارج الصندوق في إجابة أحد أسئلة اختبارات الفيزياء بالجامعة والذي يطلب حساب طول ناطحة سحاب باستخدام “الباروميتر – أداة لقياس الضغط الجوي” والإجابة التي ينتظرها الممتحن هي حساب الفارق بين قياس الضغط الجوي على الأرض وأعلى ناطحة السحاب، ولكن إجابة “بور” كانت أن يربط الجهاز بحبل طويل حتى يلمس الأرض ثم يقيس طول الحبل! ولكنه بعد ذلك أجاب عدة إجابات صحيحة، يمكن قراءة القصة هنا.
بالطبع تزداد أهمية “القولبة” في المجتمعات المتقدمة نظرًا لاحتياجات السوق القائم على الاستهلاك، ومع تطور الإنترنت ظهرت أدوات عملاقة تقوم بهذا الدور وحتى بدون أن يعلم المستخدمون، مثل بعض مواقع وأدوات التواصل الاجتماعي – أشهرها موقع “فايسبوك” – والتي تقوم بجمع بيانات واهتمامات المستخدمين بكل الطرق المتاحة بل وأكثرها غرابة – تصل أحيانًا لتسجيل المحادثات الخاصة المكتوبة والمنطوقة لاستخدام كلمات مفتاحية منها للتسويق، بخلاف أي استخدامات يتم إتاحتها لأجهزة الأمن والاستخبارات طوعًا أو كراهيةً كما ظهر للعالم من خلال أهم تسريبات القرن الجديد للموظف التقني السابق بوكالة الأمن القومي الأمريكية، “إدوارد سنودن” في 2013.
ومع استمرار بث أفكار “القولبة” من خلال كل ما هو متاح من أدوات إعلامية، تحول التفكير في شئون الحياة إلى طريقة أسهل من وجهة نظر البعض وهي التعامل مع مجموعة من الصناديق المعروف والمصنف محتواها. وبالطبع يزداد عدد المواضيع التي تحتاج إلى صناديق في الدول الأقل تحضرًا بسبب انخفاض نسبة الثقافة والتعليم مع الانتشار المقابل لأدوات التجهيل والصوت الواحد، فمثلًا لدينا في مصر صناديق في كل مكان، في السياسة وفي الاقتصاد وفي الدين بل وحتى في التاريخ، فعندما تتحدث عن اتجاه تطوير الصناعات المحلية في عهد عبد الناصر، إذن فأنت ناصري أو أنك ترى أنها حقبة جيدة، وإذا تم الإشارة لقيمة الجنيه المرتفعة مقابل العملات في عهد الملكية، إذن فإنه العصر الذهبي! وإذا تحدثت عن السياسات الكارثية والقرارات الخاطئة المسجلة تاريخياً في حرب أكتوبر، فأنت تراها هزيمة! وهكذا، حتى في الأحداث المعاصرة التي يتم تدوينها وتوثيقها بعشرات الآليات الخاصة بالعصر الحديث، فتجد أن القالب العام الذي تصيغه معظم منابر الإعلام هو قالب مؤيد للدولة مهما أخطأت أو أجرمت أجهزتها، ومن يخالف ذلك هو خائن -جاسوس- كافر أو متطرف دينيا “حسب توجه الأطراف الحاكمة”.. فإذا لم تؤيد المشروعات العملاقة اسمًا -والمشوية رائحةً- وتفرح مع مصر بالإنجازات الاقتصادية الزائفة وترتدي القناع الديني القشريّ، وتُحيّي الهلال مع الصليب في الاحتفالات والأغاني، فقد تقع تحت طائلة أحد التصنيفات السابقة، ولتجنب ذلك يجب أن تقع اختياراتك في أحد لونين لا ثالث لهما. 
الخروج من الصندوق:

مرت العديد من الدول بتجارب مريرة بالخضوع لصندوق النقد أشهرها تجربة الأرجنتين، بعكس تجربة ماليزيا الناجحة والتي قاومت تدخلات صندوق النقد ورفضت مساعداته بعد الأزمة المالية في عام 1997، وتراجُع البورصات وتضخُم الديون الخارجية وفقد العملة المحلية “الرنجيت” ما يقرب من نصف قيمتها، فتم تشكيل المجلس القومي الاقتصادي بقيادة مهاتير محمد وتغيير السياسات وفرض قيود على حركة رؤوس الأموال للخارج وجدولة المديونيات وغيرها من استراتيجيات ناجحة، وعاد النمو الاقتصادي الماليزي بقوة في عام 2000.

وعلى ذكر تعدد الصناديق، فأحد الصناديق الهامة التي عادت للظهور في المشهد المصري هو صندوق النقد والذي عندما يقوم بإقراض الحكومات يتخذ الضمانات اللازمة لمنع استخدام تلك القروض في رفع معاناة أغلب السكان، حيث إن ما يسمى كذبًا بالإصلاح هو خفض أي إنفاق للدولة على الفئات الأقل دخلًا والتي تمثل الغالبية العظمى من الشعب، وتضمن سياسات صندوق النقد والبنك الدولي استخدام الموارد بشكل يقوم بتحجيم إمكانية الدول الفقيرة أو المتوسطة الدخل من اللحاق بركب الدول الغنية وليتحول الدخل القومي إلى مجرد رقم ريعي لاستثمارات أجنبية لا تدعم الصناعات المحلية حتى لا تنافس الكبار في أسواقهم الاستهلاكية ودول العالم الثالث، وتخرج الدول مديونة بمبالغ أكبر وتنازلات أكثر. للمزيد يمكن البحث عن اعترافات قاتل اقتصادي لـ “جون بيركنز”.
والخروج من الصندوق بالطبع ليس المقصود به صندوق النقد فقط، حيث إن الاقتصاد ليس هو السياق الحالي في موضوع المقال، وحيث إن الخروج من الصندوق الاقتصادي القاتم الحالي يتطلب سياسات مختلفة تمامًا عن آليات الاقتراض والسياسات المتّبعة. سياسات تبدأ بالشفافية والمكاشفة وإيقاف نزيف الأموال والموارد المهدرة ومحاسبة الفاسدين ووضع رؤية حقيقية لدعم الصناعات المحلية ورفع مستوى المعيشة عن طريق العدالة الضريبية وغيرها من مقترحات وخطط كاملة تم طرحها من مختلف الاتجاهات في عشرات المقالات الصحفية والأوراق البحثية.
ولكن الخروج الحقيقي من الصندوق هو التنازل عن سياسة التصنيف ولو قليلًا وإعطاء الفرصة للعقل البشري أن يعمل لما خُلق له ببحث وتمحيص كل الاحتمالات واختيار ما يناسب صاحبه من كل صندوق حتى لو تم تصنيفك داخل كل الصناديق.
الثنائيات:
يمكن أن تؤيد ثورة يناير وترفض ما تم من استغلال وتشويه لها من الأطراف المنتفعة، ويمكن أن تكون محبا للوطن وترفض تدخل المؤسسة العسكرية في الاقتصاد وإدارة شئون الحياة، ويمكن أن تعارض وتواجه سياسات الإخوان والموالين لهم وفي نفس الوقت ترفض ما يحدث ضدهم من قمع وقتل، يمكن أن تدين وتواجه الإرهاب وتحزن من أجل من يتم قتلهم بصورة شبه يومية وفي نفس الوقت تدين سياسات الدولة التي تعمل على تأجيج نيران الفتن والقبلية بدلًا من أن تحارب الإرهاب بحق، ويمكن أن تطالب بالشفافية ونشر المعلومات -بدلًا من التعتيم الذي يصل لمنع بث جلسات البرلمان- ولا يتم تصنيفك بعدو للأمن القومي، يمكن أن تنقد المشاريع والسياسات القائمة وتؤيد الدور الإيجابي لمؤسسات المجتمع المدني ولا يتم تخوينك أو اتهامك بالعمالة، ويمكن أن تحارب أفكار خصمك وتحارب أيضًا من أجل العدالة في معاملته خاصةً عندما يكون هو الطرف الأضعف، فلا تدري بأي جانب من المائدة ستكون في اليوم التالي، يمكن أن تطالب بالمساواة في تطبيق القوانين وبالاستقلال والعدل في المحاكمات ولا يتم اتهامك بإهانة القضاء، ويمكن أن تقول رأيك بحرية وبدون تحريض أو إلحاق ضرر بالغير ولو حتى في الأمور الدينية ولا يتم اتهامك بازدراء الأديان!
باختصار وبدون سرد المزيد من الثنائيات المشهورة، يمكن أن تراجع قناعاتك واختياراتك طالما أنها قائمة على تبني مبادئ عادلة، ويمكن أن تخرج من الصندوق وتربح أهم جائزة وهي الحفاظ على ما تبقى لك أو لغيرك من إنسانية.