الاثنين، 24 أكتوبر 2011

جمهورية عسكرينوفاكيا "خطة الكاوتشوك"

جمهورية عسكرينوفاكيا "خطة الكاوتشوك"

October 24, 2011 at 1:31pm
فى صباح ذلك اليوم من أيام جمهورية "عسكرينوفاكيا" وفى أحد المقرات السرية العديدة، والمجهزة خصيصاً لظروف مماثلة، اجتمع وزير الدفاع "سنطاوى" مع قادة الأسلحة والأفرع المختلفة، ومدير الاستخبارات بالإضافة إلى بعض الشخصيات الغير معروفة لمعظم الحاضرين.
بدأ "سنطاوى" الاجتماع بعبارة مقتضبة: 
"نحن مخترقين يا سادة!" وطرق بقبضته على منضدة الإجتماعات.
ساد الوجوم وسط الجميع وعلت بعض الوجوه نظرات تساؤلية، فى حين بدا البعض الآخر غير متفاجئاً بالعبارة. 
استكمل "سنطاوى" حديثه: نعم نحن مخترقين و بشدة، ويجب عليكم جميعاً أن تعلموا بأننا مقبلون على مرحلة خطيرة تكاد تكون حرباً داخلية، و لقد اجتمعنا اليوم لعرض الموقف والتخطيط لكيفية مواجهة هذا الاختراق و اقتلاعه من جذوره. سيقوم السيد "مكافى" مدير الاستخبارات الجديد بعرض موجز للموقف الحالى. قالها ناظراً إلى "مكافى".
تسلم "مكافى" دفة الحوار منادياً: "يا سفروت! شغل البروجيكتور"واتجه الى شاشة العرض.
ظهرت صورة لميدان شهير بقلب العاصمة محتشداً به عدد كبير من البشر، فقال أحد الجنرالات: هل كل هؤلاء جواسيس؟! أجابه "سنطاوى" مغتاظاً: وكيف سيدخل كل هذا العدد من الجواسيس إلى البلاد دون أن نعلم! فلتصمت و تنصت جيداً... تفضل يا سيد "مكافى".
أشار "مكافى" إلى الصورة قائلاً: هذه صورة ملتقطة منذ 10 دقائق ويمكن أن نعرض مشاهد حية على الهواء مباشرةً، ولكنها ستقتطع من وقت الاجتماع و من تركيزنا، لذلك سأكتفى بإبلاغكم أن الأوضاع سيئة جداً، وهذا المشهد متكرر فى العديد من مناطق الجمهورية. قالها مشيراً إلى عرض سريع لبعض الصور الشبيهة بالمشهد الأول.
و استطرد "مكافى": سأعود إلى الخلف بضعة أيام، عندما نجح المخترقون عن طريق الوسائل الإلكترونية فى زرع روح الفتنة وسط الشباب و خدعوهم بشعارات مزيفة عن الحرية و الكرامة الإنسانية و العدالة الإجتماعية وما إلى آخره من أحلام، و استغلوا بعض التسريبات للانتهاكات التى حدثت مؤخراً من جهاز الشرطة لإثارة غضب جماهيرى، بالإضافة إلى عدد من الظروف المتوترة المحيطة بنا فى دول قريبة، و هو ما أدى بنا إلى الوصول لهذا المشهد.
سكت قليلاً ثم أضاف: ...والحلول المطروحة، مثل المواجهة المباشرة، قد تمت تجربتها فى الأيام الأولى من هذه الإحتجاجات ولم تكن النتائج مبشرة، فإذا أكملنا على هذا المنوال، أولاً سنظهر بصورة وحشية أمام الجميع، وثانياً لن ننجح فى السيطرة على هذه الأعداد الهائلة! بل وسنجتذب إلينا المشاهدين بالمنازل ايضاً وسيزداد تعاطفهم وربما يشاركوا!
قال أحد الجنرالات: و ما الحلول الأخرى فى رأيك؟ ...نظر "مكافى" إلى "سنطاوى" الذى استلم دفة الحوار قائلاً: الحل هو عزل الزعيم! قالها و نظر إلى ردود الأفعال التى تباينت بين صيحات استهجان و شهقات. ثم ساد الصمت لثوانٍ. قطعه "سنطاوى" قائلاً: نعم.. الحل الوحيد لامتصاص هذا الغضب هو عزل الزعيم، وهو ما قد يحدث عاجلاً أم آجلاً، و لكن إذا استبقنا الأحداث فقد ننجح فى الإبقاء على نظامنا العتيد و نفوز فى هذه الحرب التى أجبرتنا على التراجع. قاطعه أحد الجنرالات قائلاً: و هل سيقتنع الزعيم -بعناده الشهير- بمثل هذا القرار؟ أجابه "سنطاوى": علينا أن نخبره بأن هذا هو الحل الوحيد للحفاظ على هيبته و تاريخه، و أنه الحل الوحيد أيضاً لتهدئة الغضب الشعبى حتى يمكننا التعامل مع الأمر بتخطيط محكم و على مراحل زمنية. كما أنه الحل الوحيد للحفاظ على ثروته بل وعلى حياته أيضاً! دعونا من كيفية اقناعه ولنستعرض خطتنا... ونظر إلى مدير الاستخبارات العسكرية "البيصي" الذي نهض واقفاً مخاطباً الجمع: أيها السادة.. لدينا خطة استراتيجية لمواجهة هذه التحديات اسمها الكودى "الكاوتشوك" ...وهنا سئل أحد الحضور: هل هذا الاسم الكودى له دلالة خاصة؟ أجابه "البيصي": عادةً لا أفضل أن أفصح عن سبب التسمية، ولكن الأمر هنا ببساطة، هل حاول أحدكم تمزيق قطعة كاوتشوك بيديه المجردتين؟ بالطبع لا! نظراً لتماسك جزيئاتها، وإذا ما حاولت حرقها ستتصاعد رائحة كريهة، بل ومن المحتمل أن ينالك جزءاً من النيران. الحل إذاً هو سياسة المط! كلما زادت قدرتك على مط القطعة كلما لانت جزيئاتها حتى تصل إلى لحظةٍ ما يمكنك فيها تمزيقها. لذلك سنتبع سياسة المماطلة و إاستخدام الآليات المتاحة لتفرقة الجموع و تمزيق شتاتها و تفريع مطالبها، حتى تصبح المواجهات مع وحدات صغيرة وأفراد يسهل التغلب عليهم. و الأهم من ذلك استقطاب جمهور المنزل للضغط على الجموع الثائرة. قالها و اتجه إلى شاشة العرض منادياً على "سفروت".
ظهرت على شاشة العرض مجموعة محاور أشار اليها "البيصي" قائلاً هذه هي المحاور العامة والآليات المتاحة لدينا: 
1-    إثارة قلاقل أمنية باستخدام المجموعات المتعاونة مع الشرطة حتى يضيع الإحساس بالأمان مما ينتج عنه حالة ذعر لدى جمهور المنزل بسبب الفوضى، وبالطبع يجب أن يكون التواجد الأمنى صورى حتى تتوغل فكرة انعدام الشعور بالأمان.
2-    استخدام أجهزة المعلومات والوسائل الإلكترونية لبث الأفكار المروجة لحالة الفوضى و ضعف الحالة الاقتصادية، مما يرتبط فى النفوس بكراهية الوضع الراهن.
3-    استخدام الإعلام للسيطرة على ما يذاع وما لا يذاع فى إطار الخطة العامة بالإضافة إلى تلميع صورة المؤسسة العسكرية و تأهيل الجمهور لبقائها فى الحكم لحين انصلاح الأمور، وغالباً، إلى حين مسيرة!
4-    استخدام مجموعة من الدروع تتلقى الصدمات و تمتص الغضب الشعبى. يمكننا البدء بإبقاء عدد من الرموز الحالية المكشوفة و المعروف عنهم ولائهم للزعيم، حتى تنشغل الجماهير بالمطالبة بمحاكمتهم. بالإضافة إلى تعيين حكومة ذات وجوه موحية بالثقة بشرط أن تكون وجوه ضعيفة الشخصية, حتى لا تكوّن كتلة معارضة تستقطب الجماهير فى صفها. والدرع الأخير هو الوعد بنقل السلطة إلى المدنيين عن طريق جداول زمنية مطاطة تتأثر بالظروف السابق ذكرها. و لكن يجب الإعداد لها فى حالة ما اضطررنا إلى تنفيذها.
5-    المحور الخامس سيحدثنا عنه الزميل "مندوح" من جهاز الشئون. ...نهض الجنرال "مندوح" قائلاً: أعزائى، أهم آلية لدينا هى الحرب النفسية وتحطيم معنويات العدو! و الحق أقول... إذا نجحنا فى تفتيت المطالب وبالتالى تفتيت الجموع، فالنصصر حليفنا! واتجه إلى شاشة العرض منادياً على "سفروت". 
ظهرت على الشاشة خريطة لجمهورية "عسكرينوفاكيا" بها بعض الدوائر الحمراء، أشار إليها "مندوح" قائلاً: هذه الدوائر الحمراء هى أماكن استغلها الزعيم من قبل فى إثارة الفتن لإحكام قبضته حول البلاد. و سنقوم باستغلالها أيضاً لقهر الأعداء، فلدينا جهاز أمنى معلوماتى قوي لديه كل الملفات والأشخاص القادرين على إشعال الفتنة فى هذه البؤر,، و سنقوم بنقل الصورة المطلوبة عبر الإعلام لتوصيل حالة الهلع إلى مشاهد المنزل مما يجعله يلعن "سلسفيل أبو أم الثورة" و ويصرخ مناديًا علينا للتدخل لتأمين الأوضاع. وهنا نقوم بدورنا المجيد فى حماية بلادنا ونكتسب تعاطف الجمهور، ومع ارتفاع موجة التعاطف نقوم بحملات اعتقال و محاكمات سريعة لكل من أظهر مشاركة مؤثرة فى هذه الثورة وكل من يتعرض لمؤسستنا النبيلة، تحت عنوان تأمين البلاد من الخونة وأعداء الوطن، و صدقونى لن نجد وقتها الكثير من الاعتراض. 
أعقب جملته تصفيق من الحضور.. والتقط "سنطاوى" دفة الحديث قائلاً: قبل أن ننهى الاجتماع لوضع تصور وخطط تنفيذية للمحاور التى تم عرضها، يجب أن يعلم جميعكم بأننا سنخوض العديد من المواجهات و أننا يجب أن نهيأ رجالنا لإمكانية الصدام المباشر مع الجمهور، و أنهم يجب أن يقدموا مصلحة الوطن على مشاعرهم الشخصية. و أود أن أبلغكم أننا نسير على نفس نهجنا السابق، ونحافظ على اتفاقتنا مع حلفائنا... قالها ناظراً الى الأشخاص الغريبة على الجمع. و استطرد قائلاً: بالإضافة إلى أننا خدمنا هذا البلد بشرف و حاربنا من أجله، فليس كثيراً علينا أن نحتفظ بتاريخنا... و أملاكنا فى نفس الوقت! وسأذكركم بعد بضعة شهور من الآن بنجاح سياسة المط وال... قاطعه "البيصي" : "الكاوتشوك!" فسادت موجة من الضحك وسط الحضور. وأكمل "سنطاوى" أنتظر من سيادتكم تصورات كاملة وجدول زمنى لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه اليوم، وسيعرفكم السيد "مكافى" بضيوفنا و بالمعلومات المتوفرة لديهم حتى يمكنكم استخدامها فى التخطيط. نلتقى قريباً.
و الله الموفق...................................يتبع

ملحوظة: الشخصيات المذكورة فى هذه القصة شخصيات خيالية, و أي تشابه بين الأسماء الموجودة بها و أي أسماء حقيقية هو محض صدفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق