السبت، 10 نوفمبر 2012

كلمة فنية في حجب المواقع الإباحية:


by Ahmed Fouad on Saturday, November 10, 2012 at 11:47pm ·
في يوم الأربعاء الموافق 07 نوفمبر 2012, أرسل النائب العام مخاطباً الوزارت المعنية للاستفسار عن تنفيذ حكم للقضاء الإداري صدر في عام 2009 بحجب المواقع الإباحية وكان مفاد هذا الحكم أن "حرية التعبير والحقوق العامة محددة بسقف قيم وأخلاقيات المجتمع ومبادئ الديانات السماوية, وأن المواقع الإباحية هي شر مطلق يرفضه المجتمع", وصرح مصدر حكومي بأن مراسلات النائب العامة جائت نتيجة لبلاغات من حملة بإسم "بيور نت" والتى نظمت تظاهرات  في اليوم المذكور أمام مكتب النائب العام لنفس السبب, وأضاف متحدثا بإسم حزب النور أن القضاء هو الفيصل لتحديد ما هي الحريات الشخصية, وأن الشعب المصري محافظ بطبيعته.
-- وبعد ذلك توالت النقاشات والآراء عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام ما بين مؤيدين ومعارضين لمختلف الأسباب بدءاً بالأسباب الأخلاقية وفي المقابل التكلفة المادية وإنتهاءأ بالأسباب السياسية, ولكن دعونا نشهد أن الموقف في حد ذاته قد يبدو أخلاقي من الدرجة الأولي والمعني به هو الأطفال والشباب المراهق, ولكن ليست كل الأعمال تؤتي ثمارها بناءاً على النوايا الحسنة, وسأقوم بمحاولة عرض سريعة لفنيات التطبيق وتجارب شبيهة لبعض الدول, والحلول العملية التى تم العمل بجزءٍ منها في مصر منذ صدور حكم المحكمة.
-- ولكن استكمالاً للموقف الرسمي للدولة, صدرت تصريحات خبراء الاتصالات عن ارتفاع تكلفة تطبيق الحجب والتى تترواح مبدأياً ما بين 10 مليون دولار إلى 30 مليون دولار! وعن استحالة تطبيق الحجب بنسبة100% , وأخيراً صدر بيان من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات 
والتابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يفيد بأن "قضية حجب المواقع الإباحية هي قضية مثارة عالمياً ومعقدة للغاية، وأن عملية الحجب تتطلب حصر كامل بأسماء تلك المواقع التي تقدر بالملايين, وأضاف البيان أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يؤكدان احترامهما الكامل لأحكام القضاء والتزامهما بتنفيذها, وأن هناك لجنة مشكلة من أعضاء متخصصين بالجهاز القومي لتنظيم والاتصالات وأعضاء من مجلس الشعب السابق للوصول إلى أنسب الطرق لحجب تلك المواقع لأقصى درجة ممكنة, و أن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات قد بدأ منذ عدة سنوات بتوفير نظام (إنترنت الأسرة)، ونشره من خلال شركات تقديم خدمة الإنترنت في مصر، حيث يتم الاشتراك في هذا النظام بدون دفع أي رسوم إضافية، ويتيح لأولياء الأمور في المنازل التحكم في الإنترنت في المنزل، والتعرف على المواقع والبرامج التي يتم الدخول إليها من قبل المستخدمين من الأبناء، ويقلل إنترنت الأسرة بنسبة كبيرة من إمكانية الوصول للمواقع الإباحية."
نظرة فنية:
عدد مواقع الإنترنت في العالم أو ما يطلق عليه بحجم الشبكة العنكبوتية, هو رقم متزايد بإستمرار ولا يمكن حصره بسهولة أو دقة, ولكن يوجد بعض المواقع التى تحاول رصد نتائج البحث من المحركات الكبيرة مثل "جوجل" و"ياهوو", وآخر الأرقام التقريبية تفيد بأن عدد المواقع في الربع الأخير من 2012 تجاوز 8.8 مليار موقع "8 وأمامها 9 أصفار أى أكثر من عدد سكان العالم!" وأن هناك زيادة يومية بمقدار 150 ألف رابط جديد – والرابط هو عنوان الصفحة الواحدة داخل الموقع, وبالطبع يحتوي الموقع على العديد من الروابط – كما تفيد آخر الإحصائيات بأن المواقع التى تقدم محتوي جنسي تقترب نسبتها من  12% من محتوي الإنترنت, وأنه يتم في الولايات المتحدة فقط إنتاج فيديو جديد كل نصف ساعة! 
# ومن هنا نصل إلى استنتاج بسيط بأن محاولة حصر المواقع الإباحية – أو أى نوع من المواقع – هو عمل شبه مستحيل في ظل التكنولوجيا المتوفرة حالياً, وهو للأسف أحد المهام الرئيسية المطلوب تحقيقها لتنفيذ حجب تلك المواقع حيث أن طرق الحجب المتعارف عليها عالميا بأقل التكاليف – حيث أن الملايين المذكورة سابقا هي تكاليف بسيطة مقارنة بطرق الحجب المتطورة ويمكن مراجعة الموازنة المقترحة في الكونجرس لمشروعات الحجب والرقابة على الإنترنت أوالتكاليف المعروضة من طرف الحكومة الأسترالية – ويمكن الحديث عن أشهر طرق وآليات الحجب, مثل نظام القائمة السوداء "البلاك ليست" و نظام الترشيح "الفلتر" الذي كما ذكر بيان وزارة الاتصالات, يتطلب تحديث مستمر لقائمة المواقع الممنوع الوصول إليها وأشهرها القوائم الباكستانية التى تحتوى على آلاف المواقع المحجوبة وعلى الرغم من ذلك توقفت الحكومة الباكستانية مؤخرا عن تحديث تلك القوائم نظرا لادراكهم بعدم جدوي ذلك ولوجود العديد من الطرق والبرمجيات المتوفرة على الإنترنت والتي يمكنها اختراق ذلك الحجب, بالإضافة إلى أن عناوين تلك المواقع متغيرة ومتجددة بإستمرار, وتقوم المملكة العربية السعودية بإستخدام إسلوب مشابه لقوائم الحجب الباكستانية, وتشترك المملكة مع شركات عالمية تخصصها هو أنظمة ترشيح المعلومات على الإنترنت، وتقوم هذه الشركات بتزويدهم بشكل مستمر بقوائم للمواقع الإباحية على الإنترنت. ولصعوبة وجود قوائم متكاملة للمواقع الإباحية نظراً لسرعة انتشارها وتجددها على الإنترنت فإن المملكة قامت بتخصيص موقع لطلبات حجب المواقع التي يرى المستخدم ضرورة حجبها. و يتم النظر في هذه الطلبات يومياً من فريق من العاملين وحجبها إذا كانت تضم مواد إباحية, وبالطبع يتم استقبال مئات الطلبات يومياً. وغني عن الذكر بأن تكاليف الحجب مستمرة يوميا ولكنها, أولا لم تنجح في حجب إلا ما يقرب من نصف المحتوي على الإنترنت, وثانياً أنه كما ذكر, هناك العديد من الطرق المنتشرة على الإنترنت لدخول المواقع المحجوبة! فضلا عن أن الحجب تطور منذ فترة ليشمل مواقع ممنوع الدخول إليها لأسباب سياسية وهو ما ساعد في دخول المملكة في قائمة الدول العشرة الأكثر فرضا للرقابة وتحجيما للحريات.
 أما عن طريقة إستخدام نظام الترشيح "الفلتر" لمراقبة الكلمات والصور ومنع ما قد يحتوي على مواد إباحية, ولكنها طريقة مكلفة أيضا لأن هذه البرمجيات التي تقوم بالترشيح تحتاج أجهزة تسمي بالجدران النارية لتأكيد فاعليتها, وتحتاج متابعة بشرية بإستمرار نظراً لأنها تقوم بحجب مواقع طبية أو غيرها من المواقع التى قد تحتوي على أحد الكلمات المحجوبة, وبالطبع هذا النظام يمكن اختراقه أيضا بطرق متعددة, منشرة ومعروفة مثل شبكات الاتصال الوهمية التي هي عبارة عن برنامج يتصل بالإنترنت عن طريق جهاز كمبيوتر في دولة أخري ويمكن منها الدخول لأي موقع, وأخيرا تسببت النظم الشبيهة في مشاكل عديدة منها علي سبيل المثال وليس الحصر غلق 84 ألف موقع في الولايات المتحدة بسبب خطأ وهمي أوحي بأنها مواقع جنسية للأطفال.
مشاكل وحلول:
بالطبع الموضوع معقد جداً وهي قضية عالمية لم يتم حسمها, ولكن نأتي أولاً إلي أن سياسة المنع ليست الحل فضلاً عن أنها تفتح الباب على مصراعيه لمنع أي موقع أو خدمة تكنولوجية بإسم الدين ثم بإسم السياسية كما حدث في العديد من الدول منها الصين وتركيا وأندونسيا وإيران ويمكن مراجعة قائمة بأشهر الدول والخدمات التكنولوجية الممنوعة والمحجوبة وطرق المرور منها ! كما أنه سيتم فتح الباب أيضاً لنوع جديد من القرصنة والسوق السوداء لاختراق الحجب على وزن وصلات الإنترنت والكابلات "وصلات الدش" المنتشرة في مصر, وأخيرا يجب أن نتأكد بأن مواقع الإنترنت ليست هي السبيل الوحيد للوصول إلى المواد الإباحية, فهناك الآلاف من المواد المتاحة فعليا ويمكن مشاهدتها على أجهزة الكمبيوتر والأجهزة المحمولة بل وعلى الفضائيات, وجدير بالذكر أن نسبة الأسر المصرية التي لديها كمبيوتر منزلي هي 50% ولكن نسب الأسر التى لديها تلفاز تزيد عن 94% , والحلول العملية لمواجهة هذه الظاهرة هي رقابة الأسرة على أبنائها وإستخدام خدمة إنترنت الأسرة التى تقدمها شركات الإنترنت التزاماً بقرار وزارة الاتصالات وتنفيذاً لحكم القضاء في 2009’ والخدمة تحتاج لتطوير ولكنها تصلح كبداية حيث تقوم بحجب أى موقع قد يحتوي على مواد إباحية وتطلب كلمة مرور لا يعرفها غير رب الأسرة, وهذا أفضل الحلول المتاحة حالياً, نظراً لأن رب الأسرة هو الوحيد الذي يقرر ما يمكن لأسرته مشاهدته من عدمه, وهناك أيضاً العديد من الطرق والبرامج المجانية التى تقوم بنفس وظيفة إنترنت الأسرة ويمكن عمل حملات توعية كبيرة لطريقة إستخدامها ويمكن أيضا تدريب الأسر على إستخدامها.
وأسألوا أعضاء الوفد الممثل للبرلمان السابق الذين قاموا بزيارة دولة شقيقة لمتابعة تطبيق الحجب ووجدوا أنهم يقوموا حتي الآن بصرف ملايين الدولارات وعلى الرغم من ذلك مازالت مواقع البحث تقود إلى الآلاف من المواقع الإباحية, بخلاف وجود العديد من الطرق والآليات كما ذكر تمكن المستخدم من تجاوز الحجب ويمكن الوصول إلي هذه الطرق بمنتهي السهولة عن طريق البحث على الإنترنت.
# سياسة المنع لم تنجح في حل المشكلة ولكنها خلقت المزيد من المشاكل والأعباء على الدول التى تقوم بإستخدامها, والتخوف يزداد في الدول التى مازالت في أولى خطوات الديمقراطية من التعسف في الإستخدام والتنكيل بالمعارضة, أما حملات التوعية فتحتاج إلى دعم من الدولة, وخدمات الإنترنت تحتاج إلى متابعة من الأسرة لأنه سلاح ذو حدين.
أتمني أن أكون قد اوضحت قليلاً من الحقائق حول موضوع حجب مواقع الإنترنت بصفة عامة وحجب المواقع الإباحية بصفة خاصة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق